في العام 2008، وصل عدد اللاجئين العراقيين في لبنان حوالي 30 ألفاً، بحسب التقديرات الرسمية، يرزح معظمهم تحت ظروف قاسية، خصوصاً أن لبنان لا يعترف بهم كلاجئين، وبالتالي هم غير قادرين على العمل أو الانتاج أو التحرك بحرية.
وعلى أثر هذا النزوح، افتتحت مؤسسة عامل الدولية، مركزها الاجتماعي- التنموي في منطقة عين الرمانة، ليكون بمثابة سند وملاذ لمئات من النساء العراقيات، كذلك اللبنانيات من أبناء المنطقة ومحيطها، حيث اعتمد المركز على مبدأ التمكين بشقيه المهني والنفسي، ليتحول بعد ذلك إلى واحدة من التجارب الناجحة في مجال تمكين النساء.
في عام 2011، ونتيجة لتداعيات الأزمة في سورية على لبنان، واستقبال حوالي مليون ونصف المليون نازح سوري، أطلق المركز مشاريع جديدة ومحتويات إضافية للاستجابة إلى حاجات النازحات السوريات والمجتمع المضيف، بالتعاون مع المفوضية العليا للاجئين، وقد أضيفت سلسلة من النشاطات والدورات المتخصصة في مجال صنع الحرف اليدوية، واللغات والطبخ والخياطة وغيرها، لتتسع لحوالي 600 امرأة سنوياً، يستفدن من تدريبات ودعم المركز لتحسين حياتهم وحياة عائلاتهن.
وقد تحولت الكثير من النساء المستفيدات من المركز إلى متطوعات وعاملات فيه، وأيضاً أصبحن من حملة رسالة عامل التي تقوم على احترام كرامة الإنسان والعمل على تمكينه على مستويات عدة.
وفي العام 2016، أضافت المؤسسة إلى المركز مشروعاً خاصاً بتعليم الأطفال بعد توسيعه، لينشأ بالتوازي مع ذلك لجنة تطوع شبابية تعمل إضافة إلى نشاطاتها مع الطلاب، في خلق مبادرات مجتمعية ضمن البيئة المحلية، هدفها نشر الفكر الإنساني وتوطيد التضامن الاجتماعي.
مبادرات لجنة الشباب
تتّبع عامل استراتيجية تأسيس لجان تطوعية في كل مركز، شبابية أو نسائية، تتألف من المستفيدين أنفسهم، نازحين ومحليين، هدفها تعميق حس المبادرة ومهارات القيادة عند المتطوعين، إضافة إلى تنفيذ نشاطات ومبادرات لتحسين العلاقة بين البيئة المحلية والنازحين.
وتتشكل هذه اللجان من مستفيدين قد أتموا سابقاً دورات وجلسات متعددة، ضمن مراكز مؤسسة عامل، في مجال التطوع ومهارات التواصل والتعبير الفني وغيرهاـ
ومنذ أن تشكلت لجنة الشباب (12 متطوعاً من سوريا والعراق ولبنان) في مركز عين الرمانة، بالتعاون مع المفوضية العليا للاجئين، تواظب على ابتكار مبادرات اجتماعية، يستثمرون فيها مواهبهم والتزامهم بالعمل الاجتماعي- التطوعي، مثل إقامة عروض مسرح دمى للأطفال المهمشين في جمعيات أو مدارس ضمن منطقة بيروت، إضافة إلى تأهيل بعض الأماكن.. الخ
وقد قامت اللجنة مؤخراً بتأهيل حديقة منطقة الرحاب قرب مخيم صبرا وشاتيلا، عبر تنظيف وترتيبها ووضع ألعاب مناسبة، لتكون الحديقة بمثابة بيئة آمنة للأطفال، حيث قام الشباب المشاركون بالعمل بشكل تطوعي ويخططون لتكرار هذه التجربة بأكثر من منطقة مهمشة في بيروت.
كما قامت اللجنة في الشهر الماضي، بتزيين جدران مركز عين الرمانة التنموي، بالغرافيتي والرسم الحر في قسم التنمية الجندرية وقسم الأطفال على حد سواء.
أما مبادرتهم الأخيرة، فتمحورت حول تأهيل مكان حكومي لبناني بشكل مستدام ليستفيد منه الأطفال ويتذكرون عبره أقرانهم النازحين لوقت طويل بشكل ايجابي، حيث انتقت اللجنة مدرسة عبد الكريم الخليل في منطقة الشياح لإعادة طلاء جدارنها بشكل فني، باستخدام تقنية الغرافيتي والرسم الحر، وقد شارك بهذه المبادرة أيضاً متطوعون من لجنة التطوع الشبابية التابعة التابعة للمفوضية العليا للاجئين OV – UNHCR.
ويقول مصطفى عادل وهو أحد المتطوعين العراقيين المواظبين على المشاركة في نشاطات اللجنة الشبابية، أن هذه المبادرات تترجم الالتزام الإنساني الذي يبنيه الشباب والشابات المتسفيدين من مؤسسة عامل، والذين يرون في هذه المؤسسة بيتاً ثانياً ومنصة لترجمة أفكارهم، كما أنها فرصة مهمة لتبادل المحبة والتلاحم الاجتماعي بين المجتمع اللبناني المضيف والنازحين.