في رقعة صغيرة لا تتجاوز الأمتار، داخل حديقة الجعيتاوي، تحاور شباب وشابات يافعين حول أفكار من شأنها أن تغيّر العالم الواسع، تحت مظلة برنامج تمكين الشباب والتربية القيادية في مؤسسة عامل الدولية. تفكيك الصورة النمطية عن الآخر، مد الجسور بين عقول الناس وقلوبهم، الأمل من أجل بناء مستقبل أفضل للأرض، وغيرها من الأفكار، كانت مركز النشاط المجتمعي الذي جمع طلاب الصف الثامن في مدرسة الأهلية ولجنة الشباب في مركز “عامل” الصحي – التنموي في عين الرمانة.
النشاط الذي أشرف عليه عاملة اجتماعية وأخصائية نفسية من مؤسسة عامل ومعلمين وموجهين من مدرسة الأهلية، بحضور ممثلة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، كان عبارة عن حلقات من الحوار بين أعضاء لجنة الشباب وطلاب الأهلية، تخللتها ألعاب تربوية متنوعة، وكان الهدف الرئيس من النشاط الذي تضمن حواراً وألعاباً تربوية، هو التركيز على فكرة تقبّل الآخر والاختلاف بين مكونات المجتمع، والتطرق إلى الصور النمطية ووصمات العار المنتشرة وتفكيكها، إضافة إلى تحفيز طاقاتهم الكامنة واعطائهم مساحة آمنة للتعبير عن أفكارهم بحرية، وهو نشاط يندرج ضمن مجموعة أنشطة تحت مظلة مشروع تمكين البيئة الحاضنة للاجئين في بيروت وجبل لبنان بتمويل من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR ضمن مركزي عامل في عين الرمانة وحارة حريك.
أثناء حلقات الحوار، شارك الطلاب بتجارب من حياتهم حول مواقف تخللتها إشكاليات وقضايا احتاجت منهم التفكير بشكل مختلف، واستمعوا بدورهم إلى تجربة أعضاء لجنة الشباب في مؤسسة عامل، وهم شابات من مختلف الجنسيات من لبنانيين ولاجئين، مكنتهم “عامل” واعطتهم دوراً قيادياً لأخذ مصيرهم بيدهم والمشاركة في تنمية المجتمع، وقد روى بعضهم عن حوادث وتجارب خاضوها بشجاعة ضد التنمر والصورة النمطية وغيرها من الأفكار، وقد كان هذا النشاط الادماجي فرصة لفتح الباب أمام حوارات وأنشطة أخرى مستقبلية بين الطرفين، مؤسسة عامل وطلاب الأهلية.
كيفية الإنخراط بالقضايا الإنسانية وتعزيز حس التضامن الإنساني، كانت أيضاً من بين القضايا التي أبدى طلاب “الأهلية” اهتمامهم بها، اذ قدم فريق “عامل” مجموعة من المعلومات حول العمل الإنساني، وكيفية التزام الإنسان بهذه القضية بأبسط الإمكانيات والمبادرات التي من شأنها أن تعزّز التضامن الاجتماعي والمحبة بين الناس، إضافة إلى مساندة الأشخاص المهمشين ومن بينهم اللاجئين.
من الجدير ذكره، أن مؤسسة عامل الدولية كانت قد عملت على تأهيل حديقة الجعيتاوي ومكتبة السبيل الموجودة داخلها، في إطار المبادرات التضامنية التي تقوم بها لجان الشباب في إطار المشروع نفسه بشكل سنوي، وذلك سعياً لتعزيز امكانيات البيئات المحلية وخصوصاً المساحات العامة الآمنة، التي تشكّل ملاذاً للأطفال واليافعين، والأنشطة التربوية التي من شأنها تعزيز الحس الإنساني والتضامني عند أجيال المستقبل، وبغرض تمكين البيئات الحاضنة للاجئين والنازحين لتكون قادرة على الصمود والاستمرار باستضافتهم على الرغم من الصعاب التي مر بها لبنان.