في ليلة الخامس من آب، لم يغلق مركز غازي بيضون الصحي – التنموي في برج البراجنة أبوابه عند الساعة الثالثة كالمعتاد، بل أعلن حالة الطوارئ وشرع أبوابه لكل طالب حاجة صحية أو اجتماعية من متضرري انفجار مرفأ بيروت المأساوي. المركز، منذ اللحظات الأولى تحوّل إلى خلية نحل تبلسم مآسي الناس وأوجاعهم، كما كان دوماً منذ تأسيسه في العام 1982.
راوية مهنا مسؤولة المركز التي عايشت في عامل العديد من حالات الطوارئ من الحرب الأهلية إلى الاجتياح الإسرائيلي وجدت نفسها في انفجار بيروت متطوعة في خدمة الناس، تصف ما حدث” في ذلك اليوم، أعادتني المشاهد الى الحروب التي عايشتها في عملي، هذا المركز هو مرجع للعديد من أهالي المنطقة والجوار عند كل طارئ لذا أحسست أنّ هناك مسؤولية تقع على عاتقي. إنّه واجبي الإنساني الذي نذرت نفسي من أجله”.
بالتنسيق مع شركاء محليين وأصدقاء عامل، المركز باشر بالاتصالات لاستقبال الجرحى وتضميد جروحهم. تعتبر مهنا أنّ في حالات الطوارئ واجب الجميع التضامن “لذا على الفور، جهزنا المعدات الجراحية اللازمة لتقطيب الجروح وتضميدها، وكنا جاهزين لتقديم أي خدمة صحية لضحايا الانفجار الكارثي الذي هز عاصمتنا وفتك بأهلنا المتعبين أصلاً من أثقال الحياة في لبنان”.كذلك تطوّعت زهراء من فريق المركز الصحي كممرضة لتقديم خدماتها في العيادة النقالة التي تقوم بواجبها في الكرنتينا منذ وقوع الكارثة.
زهراء عطوي، العاملة الإجتماعية الصحية في برج البراجنة تعتبر أنّ الانفجار كان صدمة لكلّ الناس وخصوصا الصغار، “لذا حاولنا قدر المستطاع على مخاطبة الأطفال، وبالتحديد هؤلاء الذي تسبب لهم الانفجار بخوف دائم ، انقطاع شهية وعجز في التواصل مع المحيط. كنت أحاول بنطاق عملي أنّ أنظم لهم نشاطات تلهيهم عن التفكير بالانفجار، أقدّم لهم الدعم النفسي والإجتماعي اللازم”.
وبما أنّ انفجار بيروت طال أثره لبنانيين من كل المناطق والمشارب، استشهد جار المركز مع أخيه المغترب حيث تصادف وجودهما عند مرفأ بيروت لحظة الكارثة، أب لأربع أولاد سارعت عامل للوقوف إلى جانبهم وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، في ظل استمرار المركز بتوفير برامجه وخدماته المعهودة لكل زائريه بشكل يومي.