يقول الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس : “إن الاتجار بالبشر له اشكال متعددة وليس له حدود. في حين أن المتاجرين بالبشر يفلتون غالباً من العقاب، فجرائمهم لا تحظى بالاهتمام الكافي والملاحقة. هذا الواقع يجب أن يتغير”!
لا شك أن قضية الإتجار بالبشر، هي إحدى التحديات الكبيرة أمام الإنسانية، وهي من الأمور التي وضعتها مؤسسة عامل الدولية على سلم أولوياتها.
فالإنسان هو الهدف وهو المحرك، في المقاومة الإنسانية، التي تخوضها عامل على الصعيدين المحلي والعالمي، فمن غير الممكن أن يتم تجاهل ملايين البشر الذين يرزحون تحت مصير مظلم، ضمن شتى اشكال الاتجار بالبشر، بما في ذلك معاناة العاملات في الخدمة المنزلية، اللواتي يدفعن أثماناً كبيرة نتيجو لغياب العدالة والحس الإنساني وعدم تطبيق التشريعات الدولية.
فبحسب التقديرات الرسمية، نحن أمام 22 مليون شخص حول العالم هم ضحايا لهذه الجريمة، هذا من دون احتساب المعرضين أو المهددين أو غير المسجلين على قائمة احصاءائيات الضحايا، بحسب منظمة العمل الدولية، 71% منهم نساء وأطفال! وهنا نقرأ نتائج عدم حصول النساء على حقوقهن الاجتماعية والإنسانية، التي تؤدي إلى ضعفهن ومىسيهن! ومن ضمن هؤلاء، تندرج فئة كبيرة من عاملات المنازل الأجنبيات، ففي لبنان وحده، تجاوز عدد العاملات المنزليات 254 ألف عاملة بحسب سجلات وزارة العمل، تعيش معظمهن تحت رحمة نظام الكفالة، وغيره من أشكال الارتهان المصاعب.
استجابة لهذا الواقع المخجل، تناضل عامل بشكل ممنهج منذ العام 2011 تحت عنوان “حماية عاملات المنازل الأجنبيات ومكافحة الاتجار بالبشر” بقيادة الناشطة الحقوقية زينة مهنا، بهدف تحسين وضع هذه الفئة في لبنان، التي تندرج بجوانب كثيرة منها تحت خانة الاتجار بالبشر. وذلك عبر برنامج متخصص، يعمل على عدة مستويات وطنية ودولية للدفاع عن حقوق العاملات في الخدمة المنزلية، قانونياً واجتماعياً ومهنياً.
عامل وبالشراكة مع منظمات المجتمع المدني في لبنان وعالمياً، تناصر من أجل تطبيق معاهدة الأمم المتحدة C189 التي تدعو لعمل لائق لهؤلاء العاملات، مطالبة بالالتزام بمبادئ حماية تقوم على تحديد ساعات عمل وساعات راحة خلال النهار والإسبوع، إضافة إلى حق الاحتفاظ بالأوراق الثبوتية، واستلام الراتب آخر كل شهر، ضمن مستوى معيشي لائق وغير منافي للمعايير التي تدعو إلى احترام إنسانية العاملة، ضمن العديد من مشاريع عامل الإنسانية التي تنفذ في مراكزها المنتشرة في لبنان، وتتضمن تقديم خدمات الدعم النفسي – الاجتماعي، التوعية القانونية، الترفيه، التمكين المهني، المخصص لرعاية هؤلاء العاملات، إضافة إلى أن فريق مؤسسة عامل مدرب على تحديد الضحايا المحتملين للاتجار بالبشر ومساعدتهم.
كما حازت عامل على صفة عضو مراقب في المنظمة الدولية للهجرة IOM التابعة للأمم المتحدة، نتيجة لانجازات عديدة في مجال حماية حقوق العاملات في الخدمة المنازلية، إضافة إلى عملها الإنساني مع الفئات المهمشة والنضالات من أجل حقوق الإنسان.
ويأتي ذلك بالتزامن مع حملة مؤسسة عامل الدولية للدفاع عن حقوق المهاجرين واللاجئين، وتحسين ظروفهم وذلك عبر الحملة الأورو-متوسطية التي أطلقتها مؤخراً بالشراكة مع منظمات دولية وفاعلين رسميين وغير رسميين في أوروبا للتضامن مع كرامة اللاجئين والمهاجرين وحماية حقوقهم، تنفيذاً للمعاهدات والاتفاقات الدولية. ذلك أن ضعف الإنسان وتهميشه، وعدم حصوله على الحقوق الإنسانية هما بالدرجة الأولى من أكثر أسباب ومقومات انتشار الاتجار بالبشر حول العالم.