“عامل”، جمعية مدنية لاطائفية، تأسست في أعقاب الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978، لديها 23 مركز منتشرة في المناطق الشعبية، يعمل فيها 300 شخصاً، بينهم 100 متفرغ و 200 يتقاضون بدلاً عن أتعابهم بالنسبة المئوية مقابل أنشطتهم التخصصية في المؤسسة.
إن موازنتها الرقمية والمنشورة على بوابتها الالكترونية هي مليون ونصف مليون دولار سنوياً، بينما الموازنة التقديرية إذا أضفنا إليها المجهود البشري التطوعي والمساعدات العينية السنوية، تقدر بضعف هذا المبلغ أي 3 مليون دولار. تؤمن “عامل” 53% من موازنتها من المستفيدبن من الخدمات التي تقدمها مراكزها. يضاف إليها ما تؤمنه من نشاطات الدعم السنوي المحلي حيث تنظم سنوياً 3 لقاءات للدعم المالي في فروعها في مرجعيون – حاصبيا وفي صور وبيروت ويشارك في كل منها حوالي ألف شخص. وهذا مؤشر هام للثقة التي تتمتع بها جمعية مدنية في ظل نظام طائفي. وللحيوية التي تتمتع بها، ما يؤمن لها الاستمرار حتى لو توقف الدعم الخارجي عنها.
إن رئيسها المؤسس هو المنسق العام لتجمع الهيئات الأهلية التطوعية في لبنان والذي يضم كبريات الجمعيات اللبنانية (جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، جمعية تنظيم الأسرة في لبنان، جمعية النجدة الشعبية اللبنانية، الحركة الاجتماعية، رابطة كاريتاس لبنان، مجلس كنائس الشرق الأوسط، مؤسسة عامل، مؤسسة فرح الاجتماعية، مؤسسة معروف سعد الثقافية الخيرية، هيئة الإسعاف الشعبي، المركز الوطني للتنمية والتأهيل، جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية بالإضافة إلى الهيئة الصحية الإسلامية والجمعية اللبنانية الصحية الاجتماعية كمراقبين).
انبثقت عن “عامل” جمعية للشباب والشابات، وهي تضم العشرات من الطلاب الجامعيين، تقوم بحملات وطنية في مجالات تتعلق بالبيئة والصحة وثقافة الحقوق …، تنسق مع العديد من الجامعات (الجامعة اللبنانية الأميركية، الحكمة، البلمند، اليسوعية …) وتبادل بعثات منتظمة مع الخارج (فنلندا، اسبانيا، بلغاريا، البرتغال، استراليا، مصر، تونس، الأردن، المكسيك، السويد، النروج، الدانمرك … الخ)، كما أن رئيسها المؤسس هو المنسق العام للجنة المتابعة لمنظمات المجتمع المدني، التي ساهمت في إطار الربيع العربي في الحملة من أجل إسقاط النظام الطائفي في لبنان وإقامة دولة مدنية ديمقراطية، كما أنه يقوم بنفس المهمة في التنسيق والمشاركة في حالات الطوارئ في لبنان والبلاد العربية (العدوان الإسرائيلي على لبنان)، الانتفاضة الفلسطسنية، العدوان على غزة، غزو العراق، الثورة في تونس ومصر وباقي البلاد العربية … الخ)، إذ تحرص “”عامل” بالتعاون مع باقي منظمات المجتمع المدني لكي تكون المواطنة هي جوهر الانتماء إلى الوطن.
تحاول “عامل” أن تلعب دور المحرك في لبنان، فكونها جمعية مدنية لا طائفية في بلد نظامه السياسي طائفي، ترفض الانضواء تحت عباءة القوى السياسية إلا أنها مقبولة في الوقت عينه من الجميع، وهي مهمة صعبة في لبنان، فلقد اختارت في ظل غياب التخطيط في بلادنا، وثقافة الانقسام، والنقد الهدام وهيمنة الشخص، وأسلوب كل شيء أو لا شيء، واختزال المراحل، اختارت كاسترتيجية للعمل :
1 – شعار “التفكير الإيجابي والتفاؤل المستمر”.
2 – نهج الثلاث ميمات “مبدأ، موقف، ممارسة”.
3 – “توثيق العلاقة مع الأصدقاء وتحويل المحايدين إلى أصدقاء وتحييد الخصوم”.
كما أن “عامل” ترفض اعتماد سياسة اقتصاد السوق عالمياً وأن يتحول العمل الإنساني إلى باب للارتزاق. أو أن يكون تقنياً أو مهنياً فقط دون الالتزام الفعلي بالقضايا العادلة للشعوب وفي مقدمتها قضية العرب المركزية فلسطين.
لهذا إننا نحاول في مؤسسة عامل أن نلعب دور “المحرك” في تقديم نموذج يمكن أن تقتدي به مؤسسات القطاع العام، عبر تأمين الخدمة النوعية في مناطق الأطراف وبمساهمات رمزية من الأهالي ومن ثم الانتقال إلى برامج تنموية بإشراك الناس أصحاب العلاقة فيها، ومن ثم إلى تعزيز ثقافة الحقوق، وإشراك المرأة في الحياة العامة وتأهيل الشباب لتحمل المسؤوليات القيادية.
وهكذا تحاول “عامل” دائماً أن تقدم النموذج فكراً وقولاً وعملاً، تطوير ثقافة التطوع والالتزام بالشأن العام على حساب المصلحة الخاصة، فمنذ تأسيس “عامل” يمثل التطوع العمود الفقري لإستراتيجيتها، فلو تقاضى البعض من كادرها البشري مبلغاً من المال، فهو للتمكن من الاستمرار وليس لتعظيم الذات أو التقنّع بالعمل الإنساني. كما اننا في “عامل” نعمل عكس التيار السائد، حيث العودة إلى الانتماءات الأولية والطائفية والمذهبية، فانتشار مراكز المؤسسة في لبنان يعبّر عن ذلك، فلدينا مراكز في كل من منطقتي عين الرمانة والشياح، “المكان الرمز” لبداية الحرب الأهلية، كذلك في منطقة مرجعيون – حاصبيا والتي تضم جميع مكونات المجتمع اللبناني، فلديها خمسة مراكز في كل من كفرشوبا، الفرديس، جديدة مرجعيون، إبل السقي والخيام، أي عكس ما هو سائد أيضاً. كما توجد عدة مراكز تهتم باللاجئين العراقيين والسودانيين والفلسطينيين … الخ,
إن “عامل” منذ العام 2010 باتت جمعية دولية مقرها جنيف، والهدف من ذلك، السعي وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الصديقة في بلاد الشمال والجنوب،إعادة العمل الإنساني. في ظل محاولة إغراقه في “أجندات” لا تتوافق مع مصالح شعوبها. إلى الالتزام بقضايا الشعوب العادلة، وأن يكون الإنسان هو الهدف والمحرك. وفي هذا السياق إننا نتشارك في تنفيذ برامج مشتركة مع جمعيات في مصر والأردن وجنيف وفرنسا … الخ، أي أن التوجه الأساسي في ظل العولمة الاقتصادية، يتركز في النضال من أجل توزيع عادل للثروات، وبناء مجتمع العدالة والمساواة، ففي عالم واحد يجب أن يكون هناك مستقبل واحد، والتصدي للاستعمار الجديد بكل أشكاله. فالمهم هو تأمين الحقوق المدنية للأفراد، إلا اننا ليس على الحياد في المسألة الوطنية الأكبر، وفي بناء دولة مدنية ديمقراطية في لبنان، وأمة عربية قيّمة على شعوبها وحقوق مواطنيها. كما إننا نرفض اختبار أولئك العاملين تحت إشراف المنظمات العالمية الخاضعة لحسابات الدول الكبرى، أو حتى الذين وقعوا ضحية خداع بعض المنظمات غير الحكومية، ممن هدف ولا يزال إلى ضرب الإحساس العام وجعله فردياً من دون طائل.
لقد نشأت “عامل” في غمرة الأحداث التي عصفت بلبنان حتى الدمار، ومعها هموم الوطن ومعاناة المواطن، إلى هاجس التصدي لتلك المشكلات المزمنة أو المستجدة على السواء. فهي منذ تأسيسها قبل نيف وثلاثين عاماً، تعمل دائبة في الإطار الصحي – الاجتماعي – التنموي – الإنساني، حيث تشتد الحاجة إلى ذلك يوماً بعد آخر. والأكثرية الساحقة من اللبنانيين تشتد عليها وطأة الأزمات المعيشية، خصوصاً في مناطق الريف، بالإضافة إلى ما بلغه مجتمعنا من شحن طائفي ومذهبي لا مثيل له في تاريخنا منذ الاستقلال.
لقد حملت “عامل” منذ ولادتها، جمعية مدنية، من وجع الحرب بقدر ما تحمله من الإرادة والطموح إلى مجتمع تسوده الحرية والعدالة، و “عامل” في الأساس اختصار لـ “الهيئة الوطنية للعمل الشعبي” والهيئة الوطنية تعني وجود إطار وطني جامع. والعمل الشعبي يعني العمل المنبثق من القاعدة الاجتماعية. أما “عامل” فكانت انعكاساً للظروف الموضوعية التي عاشها الوطن في تلك المرحلة التاريخية بعد الغزو الإسرائيلي الأول للجنوب (1978) الذي يحتضن تركيبة اجتماعية متنوعة طائفياً ويشكل بؤرة حرمان ومعاناة، من دون أن يعوقها ذلك عن مواجهة العدو القومي، والطموح إلى التغيير ببناء دولة مدنية ودعم القضية الفلسطينية باعتبارها قضية عربية في الصميم.
ارتبطت رمزية “عامل” اسماً بالعمال أيضاً، فالعامل هو الذي يفل الحديد، وهو عامل التغيير غايته، ولقد صار الاسم مرادفاً للإصلاح والتغيير في المجتمع، وهو إذ أطلق على المؤسسة المدنية الناشئة، فقد حمل بكلمة واحدة، كل المضمون الغني بالدلالات الاجتماعية والسياسية، والمعاني الوطنية والقومية التي فكر بها المؤسسون. وبذلك سهّل استعمال الاسم (عامل) وانتشاره.
إن تجربة عامل منبثقة مباشرةً من أرض الواقع وصميم التجربة والتي كانت ولا تزال خاضعة لرؤية في النظرية والتطبيق، فكراً وعملاً، وهذه الرؤية كانت السبب الأساسي في تحقيق كل ما أنجز وينجز.
إن التطور الخاص لمؤسسة عامل والمؤازرة الجماهيرية التي تميزت بها، أديا إلى تثبيت أقدامها في الساحة اللبنانية واكتساب ثقة عالية لدى الهيئات الدولية.
إن مؤسسة عامل، التي باتت الآن جمعية دولية، دائبة من خلال مراكزها المنتشرة في المناطق الشعبية، على تأمين الخدمات النوعية في المناطق الريفية وتعزيز البرامج التنموية عبر مشاركة الناس أصحاب العلاقة في مواجهة التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المناطق الشعبية، وهي لا تنفك تعتمد خطوات نحو “صياغة عقد اجتماعي مدني ديمقراطي، بين الدولة والمجتمع، وإطلاق برنامج تنمية ريفية متكاملة يهدف إلى خلق اقتصاديات محلية مستدامة، ومساواة الريف بالمدينة، والمرأة بالرجل، رافعة شعار: “لنعمل معاً من أجل المواطن والإنسان”
المصدر: 30\9\2011 موقع خيامكم