لم يعرف اللبنانيون من عرسال طيلة الفترة الماضية، إلا الصورة المتشائمة التي زرعها الإعلام وانتجتها الظروف السيئة، ولكن فريق عامل الذي واكب البلدة خلال السنوات الـ34 الماضية، يدرك حجم الطاقات والقيم الإنسانية التي يتحلى بها العرساليون، كما يعي حجم الحرمان التنموي وآثار الحروب والصراعات على هذه البلدة وأبنائها.
أنتجت العلاقة التي تطورت خلال عقود أربع، أشكال متنوعة من التعاون والتعاضد الاجتماعي بين مركز عامل الصحي –التنموي وأهالي المنطقة، كما اصبح ملاذ أمان يقصده النازحون منذ بدايات اندلاع الحرب في سورية وحتى اليوم، سواء للحصول على خدماته الصحية والاجتماعية أو للتظلل بالمودة والطمأنينة التي تخيم على المركز، حتى في أشد الأوضاع السياسية والامنية تعقيداً وخطورة.
على ضوء ذلك، واظبت المؤسسة خلال السنوات الست الثلاث على تأمين الخدمات والتدخلات الصحية مع أبناء البلدة والقرى المجاورة والنازحين السوريين على حد سواء، كما وسعت من نطاق برامجها استجابة لحاجات المرحلة، خصوصاً في مجال التنمية والتمكين لفئة الشباب، مهنياً وحياتياً، بالتوازي مع جلسات التوعية والمحاضرات والمناسبات الاجتماعية التي تهجف إلى تقوية أواصر اللحمة والتضامن بين مختلف المكونات والضيوف في عرسال.
وفي الوقت الذي كان يعلن فيه الجيش اللبناني، بدء المعركة العسكرية للقضاء على تنظيم داعش الارهابي من جرود البلدة، أقام الطلاب المستفيدون من دورات مشروع تأهيل المهارات الحياتية “التميكن الآن” حفل تخرجهم من الدورة الثانية لعام 2017، مصرين على رفع صوت المحبة والموسيقى والفرح للتأكيد على انتصار إرادة الحياة والأمل في نفوسهم، لبنانيين وسوريين.


المفاجأة الكبيرة، كانت معرض الصور الفوتوغرافية التي التقطتها عدسات الطلاب النازحين واللبنانيين أبناء المدينة، لجوانب مختلفة من الحياة اليومية للنازحين، بأقل امكانيات ممكنة، تحت عنوان بسمة أمل، وهي مبادرة تهدف للتعريف بالجوانب الجميلة من الحياة اليومية للبلدة إضافة إلى الاضاءة على انسانية النازحين ورغبتهم بالحياة والأمل، على عكس الصورة التي تروج عنهم، المرتبطة بالارهاب، كما شرح الطلبة الذين دعوا الحاضرين وفي مقدمتهم رئيس بلدية عرسال السيد باسل الحجيري ونائبته السيدة ريما كرنبي ووفد عن هيئات وجمعيات عرسال، إلى التمعن بالصور ومساندتهم لايصال صوتهم وصورتهم الحقيقية للعالم وللوسائل الإعلامية، وذلك بمساندة من فريق مؤسسة عامل الذي رافق الطلاب في حفلة التخرج وقدم لهم كل الامكانيات المتاحة للتعبير عن املهم وفرحهم، بحضور مسؤولي مركز عرسال في عرسال ومسؤولة برنامج تمكين الشباب في عامل هبة قشور وفريق عامل الإعلامي.
وكانت كلمة لمسؤول مركز عرسال السيد مرعي فليطي، الذي لفت إلى مسيرة عامل التاريخية ووقوفها إلى جانب الفئات المهمشة في كل لبنان بغض النظر عن الظروف المحيطة، وأن سر نجاح عملها واكتسابها الثقة منه قبل الناس هو سياساتها غير العنصرية واحترامها لكرامات الناس واوجاعهم.
كما شرح عن الخدمات الصحية التي تقدم في المركز، من طب قلب وعيون ونسائي وأطفال وتحاليل مخبرية إلى جانب الصحة النفسية والاسناد الاجتماعي، اضافة إلى الصفوف التدريبية على مهارات الحياة وتمكين الشباب في مجالات التعليم والفن والسلم الاجتماعي.


أما كلمة الطلاب، فألقاها الطالب فادي عز الدين رحباً بالحاضرين وشاكرا للمؤسسة دعمها وتشجعيها، وجاء فيها: ” علمتنا الحياة أن نسير قدماً مهما كانت الصعوبات والعراقيل، واننا نتخرج من هذه الدورات التدريبية والتعليمية اقوى وأكثر قدرة على صناعة الفرح ومواجهة التحديات” موجهاً الشكر الخاص للدكتورة غروب الفليطي التي تتطوع إلى جانب عملها الطبي لمساندة المشاريع الشبابية وتشجيعها، وهي المشرفة على مبادرة التصوير الفوتوغرافي بسمة أمل.
في ختام الحفل، دعا الطلاب الحاضرين إلى التصويت لأفضل صورة في المعرض، والتي فازت بها الطالبة براءة وتسلمت جائزة من المؤسسة كبادرة تشجيع على مشاركتها ومساهمتها في ايصال الصورة الجميلة لعرسال، فيما أعلن الفريق الإعلامي لمؤسسة عامل عن خطته لتبني “بسمة أمل” ودعمها لتصبح انموذجاً يحتذى به في كل المناطق التي تعرضت لتهميش وتشويه من قبل الراي العام.
يذكر ان مشروع التمكين الآن ينفذ في عدد من المراكز التابعة لمؤسسة عامل مع شريحة واسعة من الشباب اللبناني والنازح، بتمويل من RDPP.