كامل مهنا: عندما يتم منح الناس فرصة التعبير عن طاقاتهم يعبرون عن إنسانيتهم
صعدت هللويا، العاملة الأثيوبية المنزلية إلى المنبر في مركز بشار مهنا ومسلم عقيل التابع لمؤسسة عامل للتدريب الاجتماعي في الشياح، وأخذت تعرف فقرات برنامج احتفال تخريج العاملات باللغة الإنكليزية، فكان آداؤها، هادئا، بسيطا، ومرتبكا أحيانا، لكنه يترك شعورا بالفرح بأن إحدى عاملات المنازل تعرف احتفالا، ولا تنظف منزلا.


وقد أقامت مؤسسة عامل الإحتفال لمناسبة تخريج سبعة وستين عاملة اثيوبية، بعد دورة تدريبية استمرت أربعة اشهر، وتعلمت فيها العاملات اللغات الإنكليزية والفرنسية والعربية، وكيفية استخدام الكومبيوتر. وهي واحدة من أصل دورات عدة يقوم بها المركز، وتم خلالها تخريج مئتين وخمسين عاملة حتى اليوم، كما توضح مسؤولة المركز مايا جزيني، مشيرة إلى أن الدورات الدورات تتم بتمويل من مجلس اللاجئين الدانماركي والسفارة النروجية يالتعاون مع كاريتاس، وتقول مايا إن العاملات بدأن التعرف إلى الدورات في البداية من خلال توزيع منشور في الكنيسة التي يقصدنها في بدارو، ثم أخذن يخبرن بعضهن حتى أصبح العدد كبيرا.


في مستهل الإحتفال، تحدث عدد من العاملات عن تجربتهن في مركز مؤسسة عامل، وقالت سارة من اثيوبيا إنها أصبحت تجيد استخدام الكومبيوتر، كما تعلت الانكليزية، بينما قالت زينب إنها لم تدخل المدرسة في بلدها، وهي تقصدمركز عامل من مدينة جبيل لكي تتعلم، وقد بدأت تكتب الأحرف بالإنكليزية والعربية.
وأعلنت فوزية أنها تستفيد كثيراوتحب معلمتها، وهي تعتبر العاملين في المركز مثل عائلتها، “لأنهم بيطولوا بالهم علينا”، وتشعر عندما تأتي إلى المدرسة كأنها جاءت إلى منزلها. بدورها شكرت أمل المسؤولين عن المؤسسة لأنهم منحوها فرصة التعلم، وتحدثت عن التمييز العنصري تجاه العاملات في جميع الأماكن العامة. وروت أنها كانت في إحدى المرات تنتظر الفان للانتقال إلى عملها، فأقبل أحد عناصر الأمن وسألها عن أوراقها الثبوتية، وعندما أعطته إياها طلب منها مبلغ مئتي دولار لكي يسمح لها بالذهاب. وقالت إنها تعرفت من خلال مركز عامل إلى محامي يساعدها في حل مشاكلها، كما تتواصل مع السفارة الثيوبية. وانهت أمل كلامها بالقول إنها استطاعت الوصول إلى المدرسة، لكن عاملات غيرها لايستطعن الوصول لأن اصحاب المنازل التي يعملن فيها لايسمحن لهن بالخروج.
وتحدثت منسقة برنامج دعم عاملات المنازل وضحايا الإتجار بالبشر زينة مهنا، فأوضحت أن مشروع تدريب العاملات بدأ في العام 2011 ، وقالت إن هناك أربع مواضيع أساسية يتم العمل عليها، بالتعاون مع الوزارات المعنية، ومنظمة الأمم المتحدة،ونقابة مكاتب الإستخدام وجمعية كاريتاس وجمعيات اخرى وهي: وضع مسودة قانون خاص لحماية العاملات الأجنبيات، والتمكين من خلال تعلم اللغات والمهن وبناء القدرات، ورفع الوعي تجاه الحقوق والواجبات بين أرباب العمل والعمال من أجل تخفيف الإنتهاكات، وحملات التوعية تجاه حقوق العاملات عبر وثائق وكتب وملصقات وغيرها.
ثم عرض فيلم أعدته أثيوبيات وتم فيه تصوير عاملة اثيوبية تعد القهوة لرجل، وهو يمسك بيدها ثم يشد حزامه، عندها عرفت ماذا يريد، فسكبت القهوة عليه وعلى يدها.
وجرت مناقشة العاملات في معنى الفيلم والعبر المستخلصة منه، فيما أوضحت المنسقة بين مراكز مؤسسة عامل لبان طي أن العاملات أعددن الفيلم من أجل أن يرى الآخرون مأساتهن.
وجاء دور معلمات اللغة الانكليزية ثريا رضا وزينب حرشي وكارين جبر لكي يتحدثن عن تجربتهن، بالاضافة إلى المدرس الياس صهيون، وأجمعت المعلمات على أنهن علمن العاملات لكنهن تعلمن منهن أيضا، وقالت ثريا نحن نشعر بما تعانون منه، بينما أوضح صهيون أنه ناشط في إحدى الجمعيات في عكار، ويزور أهله ليوم واحد في الأسبوع هو يوم السبت، ويوم الأحد ياتي إلى المدرسة، معربا عن فرحه بتدريس العاملات.
وفي ختام الإحتفال تحدث رئيس المؤسسة الدكتور كامل مهنا متحدثاً عن المساواة بين البشر وضرورة محاربة ثقافة التمييز في لبنان، قائلا إن ابن المدينة يعتبر نفسه أفضل من ابن الريف، والعائلة الغنية أفضل من العائلة الفقيرة، وحتى داخل العائلة الواحدة يعتبر الغني أفضل من اشقائه، وهناك طوائف تعتبر نفسها أفضل من غيرها، وكل شخص يعتبر نفسه افضل من الآخرين وأكثر معرفة… وهكذا. وتابع مهنا: من الطبيعي بعد ذلك أن يعتبر كل شخص عائلته هي الأفضل وطائفته وبلده. وأوضح أن التمييز كان موجودا أيضا في أوروبا، ثم انخفض مع إعداد وتنفيذ قوانين احترام حقوق الفرد وبناء دولة القانون. لكن مع ذلك توجد مزايا جميلة لدى اللبنانيين، مثل التضامن العائلي والمجتمعي وقوة المجتمع المدني.
وأكد أن مؤسسة عامل تعمل على تعزيز إنسانية الإنسان بمعزل عن خياراته الدينية والسياسية والجغرافية. وقال إن اللاجئين يشعرون بأن مراكز عامل مثل بيتهم، وعندما يتم منح الناس فرصة التعبير عن طاقاتهم، يصبحون قادرين على التعبير عن إنسانيتهم.
تلاه ذلك توزيع الشهادات على الخريجات.