صدر عن دار الفارابي، نيسان 2019، الطبعة الأولى لكتاب من جحيم الحرب إلى إنجازات السلم: “عامل” نمط فريد في العمل التنموي الإنساني، للباحثة المصرية د. أماني قنديل، وهي أستاذة العلوم السياسية – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وصاحبة العديد من الإصدارات في مجال تحليل السياسات العامة، وتصميم البرامج الاجتماعية وتقييمها، وهي من مؤسسي الشبكة العربية للمنظمات الأهلية التي تولت إدارتها التنفيذية بين عامي 1997 و 2015.

يتناول الكتاب، المسيرة التاريخية لصعود مؤسسة عامل، المدنية التطوعية، في خضم أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية كبرى عاشتها المنطقة، والحرب الأهلية في لبنان. يتضمن الكتاب 18 محوراً حول مختلف المراحل والتجارب التي مرت بها المؤسسة.

وتلفت الكاتبة إلى الفعالية الكبيرة لمؤسسة عامل منذ لحظة الإعلان عن تأسيسها في عام 1979،  من خلال عملها لمواجهة آثار الحرب الأهلية و الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، حيث استمرت بقوة أكبر في مرحلة عودة السلم الوطني في التسعينيات وما بعدها. وهي مؤسسة “تستمد مصداقيتها من حضورها وعملها مع الناس ولكل الناس، بحيث أصبحت تصنّف في المراتب الأولى للمؤسسات المدنية. وقد تطور عمل هذه المؤسسة، وتكيّف مع كل المتغيرات، وبمرونة كبيرة، حتى تحولت “عامل” مؤسسة إغاثية إلى مؤسسة تنموية، تضم 24 فرعاً في أنحاء لبنان كافة وست عيادات نقالة ووحدتي تعليم جوالتين، وفريق عمل مؤلف من 800 متطوع ومتفرغ بقيادة رئيسها د.كامل مهنا.

وتصف قنديل عامل بأنها  أنموذجاً متميز من المؤسسات المدنية الحقيقية، التي ولدت في رحم أزمات وناضلت لخدمة المجتمع، وتخطت الأمواج العالية، لتنمو وتتطور في بيئة اجتماعية وثقافية وسياسية عمودها الفقري الطائفية، لكنها حافظت على مسافة بينها وبين كل الطوائف، فاكتسبت ثقة الجميع لأنها أثبتت أن الولاء للوطن والمواطن.

وهنا ألقت الكاتبة الضوء على دور قائد مسيرة عامل، الدكتور كامل مهنا: “الطبيب الذي تعلم وتخرج في الجامعات الفرنسية، وسعى إلى إنارة كل زاوية كان فيها “بدلاً من أن يلعن الظلام”.

تروي قنديل تفاصيل لقائها الأول مع د. مهنا في بيروت بعد انتهاء الحرب الأهلية واتفاقية الطائف، حيث كان مرشحاً لها لإجراء مقابلة معه ضمن مجموعة شخصيات محترمة وجادة في لبنان عام 1993 لإعداد كتابي الأول حول “منظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية”،حيث تروي كيف لفت انتباهها ببساطته ووجهه المشرق بالابتسامة و“الخطاب المختلف” الذي يحمله ويركز على العدالة الاجتماعية، ويقف في صف المهمشين والفئات الضعيفة، ويهتم بالقضية الفلسطينية، ويتحدث عن مستقبل أفضل، وعن التزامه بخدمة الناس .. لا يهمه غير مستقبل أفضل، وعن التزامه بخدمة الناس، إذ لا يهمه الدين أو الانتماء الطائفي، بل “يهمه الإنسان”.

وتختزل قنديل وصف أثر قيادة د. مهنا لمسيرة عامل بتعبير:  تجربة يقودها الحب وقيمة العمل الجماعي وقيمة الرسالة والإيمان بها. الإنسان ثم الإنسان.

وتخلص في كتابها الواقع بين دفتي 130 صفحة، إلى أن “عامل” هي حركة من أجل تحرر الإنسان، كل إنسان، وأخذ مصيره بيد”، وأن الأهم في مسيرة حياة هذه المؤسسة هو تطلعها ورؤيتها المستقبلية، نحو تصحيح اتجاه بوصلة العمل الإنساني، ونشر ثقافة الوقاية من الأمراض والأزمات الاجتماعية التي تشكل عصب ورقة عملها في مجتمعات عدة خلال السنوات الخمس المقبلة، لتكمل مسيرة التمكين والتحصين التي بدأتها مع الفئات المهمشة والموجودة في لبنان حالياً.

وتختم: “بعد كل قمة تصل إليها مؤسسة “عامل” بجهودها الميدانية وتخطيطها الرؤيوي، تتراءى لها قمم أخرى ومهمات إضافية، تقوم من خلالها بتطبيق شعارها وهدفها الأسمى: صون كرامة الإنسان وتمكينه”.