جال وفد من أعضاء جمعية الأطباء العرب – الأميركان NAMAA على مركزين لمؤسسة عامل الدولية، بهدف الاطلاع على نشاط المؤسسة الميداني وعملها مع الفئات الضعيفة منذ 40 عاماً، في مختلف المناطق اللبنانية وأكثرها تهميشاً، وفي سياق المؤتمر الذي نظم بالتعاون مع الجامعة الأمريكية.

رافق الوفد المؤلف من 30 شخص، رئيسة الجمعية ومجلس الإدارة د. ربا علي ود. حسان فهمي ود. نبيل الخوري، وكان باستقبالهم د. كامل مهنا رئيس مؤسسة عامل الدولية والمدير الإداري أحمد عبود والمنسق الطبي هادي أبو شقرا وفريق من المؤسسة، حيث تحظى هذه الزيارة بهدف بناء قنوات التعاون المستقبلي لتنفيذ عدة مبادرات إنسانية مشتركة في لبنان وفي الولايات المتحدة في مجال الرعاية الصحية الأولية والأبحاث.

استهلت الجولة من مركزعين الرمانة التنموي – الاجتماعي، حيث تعرّف الزوار إلى أنشطة المركز الخاصة بتمكين النساء (السوريات والعراقيات واللبنانيات وغيرهن) في مجالي التنمية المهنية والدعم النفسي الاجتماعي في المركز، حيث تتنوع الدورات المتاحة لحوالي 600 امرأة سنوياً، في مجالات الصناعات اليدوية واللغات والتكنولوجيا إلى جانب المهارات الاجتماعية والاستشارات النفسية.

تلا ذلك زيارة ميدانية لمركز مؤسسة عامل الدولية التنموي في حارة حريك، الذي تم افتتاحه عام 2009 كاستجابة لحاجات المنطقة وخصوصاً في حارة حريك ومحيطها، ليتحول مقصداً لأبناء المجتمع المضيف والنازحين على حد سواء، وهو يخدم عشرات الآلاف من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وعراقيين وغيرهم ممن يستفيدون من برامجه المتخصصة في القطاعات التالية: الصحة والحماية والتعليم والتدريب المهني والأمن الغذائي.

وقد رحب د. مهنا بالوفد الزائر وأثنى على استمرا التعاون بين المؤسستين منذ أعوام، اذ تم تقديم جهاز ماموغرافي ومعدات متطورة لفحص العيون في مركزي الخيام ومشغرة، ولفت في مداخلته إلى إن مؤسسة عامل التي تساند الإنسان في لبنان عبر 25 مركزاً و6 عيادات نقالة ووحدتين تعلميتين وأخرى مختصة برعاية أطفال الشوارع في بيروت، يعمل فيها 800 متفرغاً، تعمل عكس الثقافة المهيمنة في العالم العربي المتمثلة بالعودة إلى الانتماءات الأولية الضيقة! وشعارها الأساسي هو: كيف نعمل على تعزيز إنسانية الإنسان بمعزل عن خياراته السياسية أو الثقافية أو الدينية، فإن أياً منا لم يختر اسمه ولا دينه ولا جنسيته، هذه أمور قد ورثناها إنما ما يهم فعلاً هو ما يمكن أن نقوم به سوياً كبشر وهو التحدي الحقيقي، من أجل كرامة الإنسان.

كما تطرق إلى  مسألة نجاح مؤسسة عامل في العمل والتطور محلياً بشكل لافت، بالرغم أنها خارج المنظومة السائدة في لبنان، وأوضح أنه على الرغم من صعوبة العمل في المجتمع اللبناني الذي ينقسم بشكل طائفي وفئوي، إلا أن مؤسسة عامل الجمعية المدنية غير الطائفية التي تحمل ثقافة مدنية، استطاعت أن تعمل مع المجتمع المحلي والجهات الدولية وفقاً لفلسفتها في العمل الإنساني، التي تعتبر الإنسان هو الهدف وهو المحرك في كل أمر بمعزل عن خياراته، وأن العمل مع الفئات الشعبية المهمشة هو المدخل الجوهري، في ظل النضال من أجل توزيع عادل للثروات محليا ودولياً واقامة دولة العدالة الاجتماعية.

وأشار إلى أن العالم يشهد انحداراً كبيراً في مجال القيم الإنسانية والعمل الاجتماعي نتيجة لتصاعد الخطاب الشعبوي والعنصري، معتبراً أن شعوب العالم بتضامنها وعملها سوياً بمواجهة جدران الانغلاق، تستطيع أن تغير مصير العالم وأن تبني معاً عالماً أكثر عدالة وأكثر إنسانية.

وفي ختام كلمته أوضح مهنا الأعمدة الـ5 التي تقوم عليها فلسفة عامل وتوجه مهمتها الميدانية والإنسانية وهي:

أولاً، ضرورة أن يكون العمل الإنساني مع الفئات الشعبية والمناطق المهمشة، فلا ديمقراطية بدون تنمية .

ثانياً، توزيع عادل للثروات على المستويين الوطني والعالمي، فمن غير المعقول أن يمتلك 20% من سكان العالم 80% من ثروات الأرض ، ففي لبنان مثلاً 0,3 % من السكان أي 8000 يملكون كل ثروات البلد ويرزح الباقون تحت وطأة الفقر والمعاناة.

ثالثاً، ضرورة التزام العمل الإنساني بالقضايا العادلة للشعوب، وفي مقدمتها قضية فلسطين.

رابعاً، رفض ثقافة ازدواجية المعايير في التعاطي بين الشرق والغرب، والعمل على تعزيز إنسانية الانسان بمعزل عن خياراته أو انتماءاته.

خامساً، العمل من أجل إقامة دولة العدالة الاجتماعية والحد من سلطة وهيمنة القطاع الخاص الذي يفتش عن الربح فقط ولا تعنيه القضايا الاجتماعية، وأن يكون تحت إشراف القطاع العام.

ولقد أشادت رئيسة الجمعية الدكترة ربا علي بدور عامل وانجازاتها، وأكدت على ضرورة العمل من أجل المزيد من التعاون المشترك بين NAAMA ومؤسسة عامل في السنوات المقبلة.