زار مدير الشؤون الإنسانية في مركز الاستجابة للأزمات التابع لوزارة الخارجية الفرنسية بيير سالينيون، على رأس وفد من الدبلوماسيين في السفارة الفرنسية في بيروت وعاملين في الوزارة، مركز مؤسسة “عامل” الصحي – التنموي في كرم الزيتون – الأشرفية، حيث كان في استقباله د. كامل مهنا رئيس مؤسسة عامل الدولية ومديرة البرامج والشراكات فيرجيني لوفيفر واللجنة الصحية في المؤسسة.
الغرض من هذه الزيارة تفقّد برامج المؤسسة الصحية والتنموية المُنفذة في هذا المركز، والتي يُموَل بعضها من مركز الشؤون الإنسانية في وزارة الخارجية الفرنسية، كاستجابة لحاجات أهالي المناطق الأكثر تضرراً من انفجار مرفأ بيروت. ويعمل المركز الذي انطلق خلال العام 2021 مع أبناء المنطقة والجوار والعمال المهاجرين والنازحين على حد سواء، من خلال توفير الحق بالرعاية الصحية الأولية، الدعم النفسي – الاجتماعي، جلسات التوعية، الفحوصات المخبرية والأدوية شبه المجانية، إضافة إلى البرامج الاجتماعية التي تُعنى بكبار السن وأوضاع العاملات والعمال المهاجرين.
في بداية الجولة، قدّمت منسقة المشروع الصحي في المركز صوفي عزيزي معلومات وإحصاءات حول الأقسام والبرامج الصحية التي يوفرها المركز، وقد تحدث السيد سالينيون مع مجموعة من روّاد المركز حول أوضاعهم وحاجاتهم، والإسناد الإنساني الذي توفره المؤسسة لهم. كما تباحث سالينيون مع فريق “عامل” الصحي في سبل تعزيز قدرة المؤسسة على الاستجابة وتوفير برامج مستدامة للوقوف إلى جانب الناس في محنتهم، وقدّم فريق “عامل” مجموعة من المعلومات والأمثلة، حول الممارسات الفضلى التي يعتمدونها في توفير أفضل رعاية إنسانية صحية وبأقل موارد متوفرة.
وقد رحب د. مهنا بالوفد شاكراً تضامنهم التاريخي مع قضايا لبنان الإنسانية، مؤكداً أن مؤسسة “عامل” المدنية غير الطائفية، ستبقى تناضل من أجل كرامة الناس، وبناء دولة العدالة الاجتماعية، مهما اشتدت الظروف، وهي تبذل اليوم أقصى إمكانياتها على الصعيد الميداني، وفي مراكزها الصحية التنموية الـ 28 وعياداتها النقالة، استجابة للأزمة متعددة الأبعاد، من خلال تعزيز برامجها الصحية والإغاثية التي تخدم المناطق المهمشة، بقيادة 1200 متفرغ ومتطوع يعملون بتفانٍ والتزام، سعياً لتكريس النموذج التغييري الذي وضعت “عامل” أسسه، ليكون بمثابة حلّ يحتذى به لبناء لبنان دولة المواطنة والعدالة.
وقال مهنّا: “إن خطة الاستجابة التي أطلقتها المؤسسة في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، تجسد عملياً مفهوم المواطنة والعمل بحسب حاجات الناس وليس بحسب التوزع الطائفي أو المناطقي، إذ تضمنت تخصيص عيادة نقالة في مار مخايل، وأخرى للمسنين في الأشرفية، وإطلاق مراكز صحية تنموية في الأشرفية وبرج حمود ورمل الظريف ومنطقة العرقوب ومركز ثالث في عين الرمانة، بما فيه من مصلحة للفئات الشعبية، بالتعاون معهم وليس بالتنظير عليهم من الفنادق والمؤتمرات”.
وأكد مهنا أنّ المقاربة الأساسية التي توجّه كل برامج مؤسسة “عامل” وخططها هي تقديم النموذج، في إيجاد الحلول المستدامة، وليس الغرق في معالجة النتائج فقط، حيث تتولى مراكز “عامل” وعياداتها العمل على أفضل البرامج التنموية، لتمكين بسطاء الناس في أكثر المناطق تهميشاً، للوصول إلى حقوقهم الأساسية في الصحة والتعليم والحماية، مشيراً إلى أن توزّع مراكز “عامل” في كل المناطق اللبنانية، بغض النظر عن أي انتماء ديني أو حزبي، هو بمثابة رسالة جوهرها أن حاجة الناس هي المحرك لكل عمل إنساني، لا المصالح الضيقة ومفهوم الرعوية المتخلّف الذي يرزح تحته اللبنانيون. وإن مهمة “عامل”، بحسب تعبير مهنّا، تحرير الناس من التبعية، من خلال تمكينهم في أخذ مصيرهم بيدهم نحو التغيير.
من جهته، أثنى سالينيون على مقاربة “عامل” الإنسانية، وعلى حجم الجهود المبذولة تضامناً مع الناس، مع الحفاظ على تقنية عالية، معتبراً أن النموذج الذي تجسده هذه المؤسسة هو الإجابة الشافية للوضع والمشكلات القائمة في لبنان، وهو نموذج يجب أن يحتذى به. وأكد أن فرنسا لن تتوانى في دعم كل الجهود المخلصة والصادقة، لمساندة الناس في لبنان وصون إنسانيتهم وكرامتهم.