إعداد: ذكية قرنفل

تتحدث التقارير الرسمية الموثقة عن 1500 طفل مشرد أو عامل في شوراع لبنان، معظمهم من السوريين. الوقائع المنظورة تنذر برقم أكبر من ذلك بكثير، خصوصاً في المناطق النائية والمهمشة التي لم تصل إليها احصاءات المنظمات المحلية والدولية، كتلك التي تعمل فيها العيادة المتنقلة الخاصة برعاية أطفال الشوراع التابعة لمؤسسة عامل الدولية عند أطراف منطقة الشويفات.

تقوم وحدة العناية النقالة الممولة من منظمة سامو سوسيالالفرنسية وعبر فريق من المتخصصين بالوصول إلى أكثر المناطق فقراً وتهميشاً في مدينة بيروت وضواحيها، بحثاً عن مئات الأطفال الذين ياخذون الشوارع كمأوى ويعيشون قرب الحديد والمخلفات والنفايات التي يستخرجون منها بعض المواد الصالحة لأن تكون ألعاباً مفترضة!

في بداية انطلاق هذا المشروع الدعم النفسي والطبي لأطفال الشوارعفي أواخر العام 2017، تفاجأ فريق المساعدة الاجتماعية اثناء بحثه عن الأطفال المشردين، بحالات طبية حرجة لأطفال تعرضوا للإصابة وتركوا في الشوارع العارية لتتطور اصابتهم وتصبح عاهة صحية دائمة، فكانت لهذه الحالات أولوية الاسعاف والمتابعة، إضافة إلى حالات الاطفال الذين لم يذهبوا إلى اي مدرسة قط، وقد تمكن فريق وحدة العناية التابع للعيادة النقالة حتى اليوم بإعادة وتسجيل عدد من الأطفال في المدارس المحيطة بتواجدهم بالتنسيق مع اولياء أمورهم ومن بينهم 12 طفلاً التحقوا مؤخراً بالمدرسة بين عمر 7 و11.

وبحسب منسق المشروع الميداني حسن علي الذي قابله فريق الإعلام في مؤسسة عامل خلال شهر نوفمبر، فإن إخراج الأطفال من آثار الصدمات النفسية والعزلة الاجتماعية يشكل تحدياً حقيقاً أمام فريق المشروع، فبعض الأطفال الذين يحتاجون إلى إسناد طبي، يرفضون التجاوب قبل اجراءات حساسة وطويلة من المقاربات النفسية –الاجتماعية التي تستخدم للتواصل معهم وبناء جسور الأمان والثقة لكي يتجاوبوا مع الفريق ويرشدونه لمكان أولياء أمورهم للتشاور وأخذ الموافقة منهم لاسعاف ومساعدة أبنائهم.

مشردون نبلاء

من الجدير الاضاءة عليه، أن معظم الاطفال المنخرطين في العمل، سواء في بيع المواد على الطرقات أو العمل اليدوي الشاق، إنما هم بمثابة معيل حقيقي للعائلة ويعملون لأسباب نبيلة في معظم الأحيان، كمساعدة والدهم المريض لشراء الدواء أو أمهم أو احد افراد الأسرة وهم غير تابعين لعصابات تشغيل كما يعتقد معظم الناس، ولكنهم اضطروا لتحمل مشقات الحياة على عمر صغير جدا من دون وجود حلول جذرية تعيد لهم طفولتهم وأعمارهم المسروقة.

تقضي وحدة العناية النقالة سبع ساعات يومية في المناطق الأكثر تهميشاً، تقدم الرعاية للأطفال وتحضر بعضهم لتنفيذ نشاطات صفية ضمن برنامج الدعم النفسيالاجتماعي، كالرسم التعبيري والتلوين والغناء والاشغال اليدوية وتعلم حروف الهجاء ومشاهدة برامج الأطفال وغيرها من النشاطات التي تجري ضمن مركز مؤسسة عامل التنموي في حارة حريك.

تروي زينب رضا العاملة الاجتماعية في المشروع عن علاقة الأطفال بفريق العمل التي تتحول مع الوقت إلى علاقة ودية، ينظر من خلالها الطفل إلى العاملين معه نظرة المحبة والامتنان الإنساني، فيما يشعر العاملون الاجتماعيون والممرضون بالمحبة اتجاه هؤلاء الأطفال النبلاء ويختبرون معهم معاني العمل الإنساني واهميته في تغيير حياة الإنسان.

تقول زينب: “لا يمكننا صنع تغيير جذري في حياة هؤلاء الأطفال الذين يفتقدون لكل مقومات الحياة الطبيعية من مأوى ومأكل ومدرسة وملبس والخ، ولكننا عالأقل نحاول تعريفهم على الطفل الذي بداخلهم، على امكانياتهم، ومكنوناتهم التي يمكن ان عتمدوا عليها في بناء حياة أفضل من هذه التي يعيشونها“.

بورتريه

عليا – 8 سنوات من سوريا (تعيش في منطقة مهملة في أطراف منطقة الشويفات قرب مكب للنفايات)

أحب اللون الأحمر. أحب الفرح واللعب.

لا أحب البقاء في المنزل بينما يذهب الأطفال الآخرون للمدرسة،

أحب أن أذهب لسوريا وأن اصبح مصففة شعر مشهورة، أو ان اخترع معجوناً للأسنان!

اعتقد أن المدرسة شيء جميل“.

جلال 11 عاماً من سوريا (يعمل بمكان لبيع القهوة)

أحب كل الألوان، الرسم جميل.

أحب الدراسة وأريد أن أصبح خياطاً مشهوراً ، اخيط أجمل الفساتين.

أريد تعلم القراءة والكتابة لأصبح قادراً على إرسال رسالة حب نصية عالواتس أب لحبيبتي المستقبلية“.

سيدرا 5 سنوات من سوريا (تعيش في منطقة مهملة في أطراف منطقة الشويفات قرب مكب للنفايات)

أنا لا أحب المدرسة، ولكني أحب تعلم الأحرف.

أحب اللعب بالمعجون وصناعة الاشكال، أحب اللون الأبيض كالعروس“.

نايا 6 سنوات من سوريا (تعيش في منطقة مهملة في أطراف منطقة الشويفات داخل مكب للمواد الصلبة)

أحب المدرسة لأن فيها اصدقاء.

أحب أن أكون معلمة، واطلي الصف باللون الزهري،

أحب لعبة يمين يسار، ولوني المفضل هو لون الأزهار“.